top of page

خطر الادمان علي الاسرة والمجتمع


إن تعاطي المخدرات منحدر زلق خطير ولابد من علاج ادمان المخدرات، إذا وقع الفرد في بدايته لابد حتماً من الانزلاق إلى نهايته المعروفة وهي الإدمان.

وتعرف منظمة الصحة العالمية مصطلح الإدمان: "بأنه حالة من التخدير المؤقتة أو المزمنة التي تنشأ عن تكرار تعاطي مادة مخدرة طبيعية أو تخليقية".([1])

ونظراً لتفشي ظاهرة تعاطي المخدرات في العديد من المجتمعات العربية والإسلامية، أصبحت ظاهرة إدمان أفراد المجتمع للمخدرات "خاصة الشباب" ظاهرة أخطر من الغزو الثقافي، ذلك لأن الغزو الثقافي إنما يستهدف العقول للنيل منها والسيطرة عليها، بينما الإدمان وترويج المخدرات بين الشباب إنما يهدف إلى القضاء على عقول الشباب وأبدانهم في آن واحد، والقضاء عليهما معاً، وهذا أمر إن تمكن من نشب أظفاره في شباب المجتمع وأفراده عامة … ذهب هذا المجتمع وضاع مستقبله؛ ولذلك أصبحت ظاهرة إدمان المخدرات من أخطر المشكلات التي تشغل بال المسؤولين في جميع أنحاء العالم، وخاصة عالمنا الإسلامي الواعد علاج الادمان.

ويوم بعد يوم يستفحل خطر الإدمان، لأنه يزداد كل يوم مع انخفاض سن الإدمان ودخول نوعيات جديدة من الصبية والشباب صغيري السن من تلاميذ المدارس وطلبة الجامعات، دائرة الموت والهلاك.

كما يستفحل خطر الإدمان يوماً بعد آخر، لأن الفئات المدمنة تدمن تعاطي المخدرات المختلفة مثل الهيرويين والكوكايين وهي ما تعرف بالمخدرات البيضاء، وهي عظيمة الخطر باهظة الثمن، ولا يأتي إدمان الشباب لها من فراغ، فلا يحدث أن يدمن

الشخص الهيروين أو الكوكايين مباشرة، ولكنه يبدأ بأنواع أخرى من المخدرات، ثم يتعرف على الهيروين، وعادة ما يعرفه عن طريق التاجر أو صديق السوء، حيث يبدأ أي منهما بإغرائه بأن يمنحه جرعة بلا مقابل مادي، ويوهمه بأنه نوع أفضل من الذي يعتاده، وبعد أول مرة أو بعد الثانية يحدث الإدمان، فيعود إليه ثانية، ولكن هذه المرة يدفع المقابل ويصبح زبوناً مدمناً للهيروين.

ولا يقتصر الأمر على الذكور من الشباب، بل إن إدمان الهيروين والمخدرات البيضاء تفشت بين الفتيات بنسبة تعادل 5% إن الشباب المدمنين، وعادة ما تتعرف عليهم الفتاة أو المرأة بصفة عامة عن طريق الزوج إذا كان مدمناً، أو أحد الأصدقاء سيئي الخلق.([1])

تلكم هي الخطوة الأولى للإدمان، تبدأ بالجرعة الأولى على شبه مجاملة عفوية، وتَوَرِّطٍ خال من الإرادة، وبعد أن يستهين الإنسان ، ويظل مع قرناء السوء من بني جنسه أو الجنس الآخر، حتى ينقلب الأمر عليه ويصير طالباً لا مطلوباً، ومستدعياً لها لا مدعواً، ويهلك فيها صحته ونفسه وماله، ويخسر كل من حوله، إذ يصبح بها مولعاً مغرماً، وعاشقاً متيماً، ويستدين في سبيلها، بل يسرق ويختلس وينهب ويقامر ويقتل، ويتعامل مع الممنوع والمحرم، ابتغاء الوصول لمراده وكؤوسه وشرابه. ومن ثم يصير بؤرة فساد، ومجموعة من الأخطاء، وجرثومة من المرض تعدي وتصيب كل من جاورها وخالطها، إن لم يودع متعاطيها في أحد المصحات، وتتداركه رحمة

الله، أو يتحفظ عليه في أحد السجون أسير أهوائه المردية ونزيل شهواته القاتلة.

ويقسّم الدكتور "كوميرس" المراحل التي يمر بها المراهق حتى يصل إلى مصحات علاج الادمان إلى خمس مراحل:([1])

أولا: الاستعداد لارتكاب الخطأ وتوافر مقومات ذلك ،من استغلال سهولة الحصول على المخدر، ثم عدم احترام الشخص لنفسه، ثم العيوب الطبيعية الشخصية.

ثانياً: هي مرحلة التجريب، وهي مرحلة عادة ما يقلل من شأنها متعاطي المخدرات، وهي التي تقود للمرحلة التالية.

ثالثاً: وهي تمكُّن المخدرات من الجسم، والتي يبيع فيها الشخص كل ممتلكاته لشراء أي نوع من المخدرات.

رابعاً: الإدمان الحقيقي، ومعها يصبح الهدف الأول في حياة المدمن هو فقدان الوعي.

خامساً: وهي التي تترتب على الإدمان وفيها يحدث التدهور الجسمي والنفسي للمدمن..

وهكذا يحدث علاج ادمان الخمر عندما يحصل الشخص على الجرعة للمرة الثانية أو الثالثة منه، فتعتاد خلايا الجسم عليه وتحدث الأمراض والأعراض الجسمانية، فإذا تأخر عن تعاطيه في موعده، يشعر المدمن بإسهال ورشح ونشر في الجسم وعدم التحكم في انفعالاته، وهمدان الجسم مع عدم القدرة على التركيز، وفقدان الشهية، أما إذا استمر في تعاطيه بعد المرة الثالثة وحاول الانسحاب، فيحدث في هذه الحالة انهيار في الوظائف الحيوية،

وانهيار في وظائف الكبد الذي يعتبر فلتر تنقية السموم، وبالتالي تتسرب السموم إلى الجهاز العصبي، لأن الفلتر قد تعطل بدرجة عالية، مما يؤدي إلى الصرع وغيره من الآثار الضارة بالجسم.([1]) وذلك لأن المخدر كما هو

مدلول اسمه يخدر، ولما كان ا لجهاز العصبي هو مركز الحس والإدراك، فإن المخدرات تتعامل في المقام الأول مع الجهاز العصبي وتفقده حساسيته ، والجهاز العصبي هو مصدر الإبصار والسمع واللمس والتفكير، وبذلك فإن المخدرات تتعامل مع هذه القدرات.

https://www.facebook.com/DarEshraq

والمخدرات في تعاملها مع الجهاز العصبي تعمل على إزالة القشرة المخية الخارجية وطبقات المخ العليا من المراكز الحيوية في هذه الطبقات. ولما كان هذا الجهاز العصبي هو المسيطر والمحرك لوظائف الجسم، فإن ذلك يستتبع أن تتأثر كافة أعضاء الجسم تبعاً لتأثير المخدر على الجهاز العصبي.([1]) ويقودنا هذا إلى الحديث عن نوعين رئيسيين من الإدمان هما:([2])

أولاً: الإدمان الجسمي: وفي هذا النوع من الإدمان يتعود المدمن على نوع المخدر، يتشبع بها الجسم تشبعاً كبيراً يصعب معه التوقف عن تعاطي هذه المواد المخدرة، لأن توقفه فجأة يصيب الجسم بمضاعفات خطيرة قد تؤدي بالمدمن إلى الوفاة، خصوصاً أولئك الذين يتعاطون الأفيون ومشتقاته، والكوكايين والحبوب المنومة، وهذا ما يسميه البعض بالإدمان التام.

ثانياً: الإدمان النفسي: وفي هذا النوع من الإدمان يتعود المدمن على نوع من المخدرات الذي ليس من الصعوبة بمكان التوقف عنها فجأة، لأن هذا النوع يسهل علاجه، ويمكن التخلص من مضاعفاته، مثل: تعاطي الحشيش والقات، والحبوب المنبهة والمنشطة، وشم البنزين وطلاء الأظفار.

ويرجع البعض من العلماء مشكلة الادمان لتفاعل عاملين أساسيين هما:

  • الاستعداد الشخصي والنفسي.

  • عدم تكيف المدمن مع مجتمعه بما فيه من مشاكل.

ونتيجة لذلك يبدأ الإدمان مراحله الأولى التي ما تلبث أن تتلوها مراحل أخرى، تجرّ على الشخص مخاطر لا قبل له بها.([1])

والخطورة في تعاطي المخدرات للمرات الأولى، لا ترجع لما تحدثه من آثار سيئة على صحة الفرد وعقله فحسب، بل إن مَكْمَن الخطورة في الانزلاق إلى دائرة الإدمان، الذي يصعب الخلاص منها، لأن الأنسجة والخلايا عند تناول المخدرات في بادئ الأمر تستجيب للتغير الذي يحدثه المخدر، ثم يقل التجاوب بالتدريج، وتقل الاستجابة لمفعول المخدر، مما يضطر المدمن إلى الإكثار من كميته للحصول على التأثير المطلوب، إلى أن تغدو المادة المخدرة للمدمن كالماء للإنسان السليم. وهكذا تصبح حالة المدمن شديدة، حيث يصعب عليه التوقف عن تعاطي المواد المخدرة، بل يتناول هذه المواد بشكل لا إرادي، ليس ذلك فحسب، بل ويضطر لزيادة الجرعة التي يتناولها بشكل مستمر.

اخر المنشورات الادمان
bottom of page