top of page

ادمان المخدرات في البلاد العربية


تشير دراسات عديدة إلى أن ظاهرة تعاطي المخدرات والمسكرات علاج الادمان قد عرفت في المجتمعات والحضارات القديمة، كالحضارة

الفرعونية والرومانية واليونانية والصينية والعربية وغيرها.

ويقال بأن الفراعنة هم أول من عرف المخدرات في منطقتنا العربية. وكان أهمها المخدرات المشتقة من نبات الخشخاش والقنب، لكن استعمال هذه النباتات وما يشتق منها من المخدرات كان مقصوراً على مجالات بعيدة عن الإدمان، حيث كانت تستعمل في مجال الطب، فالأفيون كان يستخدم لعلاج أمراض العيون وعمل مراهم لآلام الجسم، وكذلك كان يصنع منه مساحيق لنفس الأغراض، كما كان الخشخاش المعروف باسم نبات "شبن" في ذلك الوقت يستعمل كدواء لتهدئة الأطفال من الصراخ.

وقد عرف العرب في الجاهلية قبل الإسلام الخمر، وكذلك في بداية العهد الإسلامي حتى نزل تحريمها، وقد عرف العرب فيما بعد الأفيون والحشيش، ويذكر الباحثون أنه دخل إلى الجزيرة العربية وبعض الدول العربية الأخرى عن طريق الغزوات التي تعرضت لها الجزيرة العربية، وكذلك بعض الدول العربية، حيث دخلها المغول واختلطت حضارة العرب بالحضارات الأخرى، مما كان له أبعد الأثر في ترويج انتشار هذه المخدرات في عالمنا العربي

ولكن تعاطي الحشيش والأفيون لم يدخل دائرة الخطر من حيث التعاطي والإدمان إلا في عصور المماليك والعثمانيين، حيث يقرر بعض المؤرخين أن إساءة استخدام الحشيش كمخدر لم يعرفها العرب إلا في القرن السابع الهجري، نتيجة لاحتكاكهم بالشعوب الأخرى التي جربت علاج ادمان الحشيش كمخدر يبعث على السعادة والسرور.

ومع بداية القرن الحالي أخذت إساءة استعمال المخدرات تشغل بال ولاة الأمور، حيث بدأت تتدفق على البلاد كميات ضخمة من الحشيش والأفيون من بلاد اليونان، وأقبل على تعاطيها كثير من فئات الشعب في الريف والمدن، بعد أن كان التعاطي محصوراً في نطاق ضيق على بعض الأحياء الوضيعة في المدن، وذلك حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما تمكن كيميائي يوناني من إدخال الكوكايين إلى مصر وتقديمه إلى الطبقة العليا. ثم انتشرت بعد ذلك عادة تعاطي الكوكايين بسرعة امتدت إلى الطبقات الأخرى، نظراً لكونه أسهل تناولاً وأنفذ أثراً، ثم أخذ الهيروين يظهر مع العمال الذين كانوا قد رحلوا إلى فلسطين أثناء الحرب للعمل مع القوات المتحاربة، وهناك شاهدوا ما يفعله الهيروين في تسكين الآلام للخيول وكبح جماحها، فلذَّ لهم أن يجربوه لينسيهم همومهم.

وعاد الهيروين معهم يوم أن عادوا إلى بلادهم، مع مرور الوقت أخذ الهيروين يحتل المكانة الأولى في التعاطي والاتجار غير المشروع، حتى قامت الحرب العالمية الثانية وتقلصت حركة تهريب المخدرات البيضاء إلى البلاد العربية، وهنا ارتفع

ثمنها، فقام التجار الجشعون بترويج كميات كبيرة من ادمان المخدرات السوداء "الحشيش والأفيون" التي غمرت السوق، وبأثرها انتشر التعاطي واتسع مداه لرخص ثمنه.وفي السنوات التي أعقبت حرب 1968م قل المعروض من الحشيش والأفيون في البلاد العربية، كنتيجة لإغلاق الطريق البري عبر سيناء في وجه المهربين،، وكان من جراء ذلك أن ظهرت مشكلة إساءة استعمال المواد المؤثرة على الحالة النفسية "الباربتيورات والأمفيتامينات"، وهي مواد تحدث آثاراً مشابهة لتلك التي تحدثها المخدرات الطبيعية، وإن كانت تتسم بوفرتها ورخص ثمنها، وأن أغلبها لم يكن يشمله التجريم.

ونتيجة لحركة التغيير الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية التي تعرض لها العالم العربي والإسلامي منذ ستينيات هذا القرن، وعلى أثرها بدأ يلعب دوره بشكل بارز وواضح في معظم القضايا المحلية والعالمية، وأصبح لدية طاقة شبابية وفكرية واعدة، ظهر تأثيرها وتفاعلها الخارجي عما كان عليه في السابق، أضحى هذا التأثير والتفاعل مصدر إزعاج وخطر لبعض الدول التي حز في نفسها هذا التأثير والتفاعل، ورغم تحرر معظم الدول العربية والإسلامية في ذلك الحين من ربقة الاستعمار والتبعية، إلا أن الدول المستعمرة أبت ألا تترك مستعمراتها دون إحداث تخلخل في البيئة الداخلية لهذه الدول، فلجأت إلى غزو جديد من نوع جديد بسلاح جديد سُمَّي ادمان المخدرات، عملت عن طريقه على إضعاف التركيبة الداخلية لتلك المجتمعات، وتقويض مقوماتها الأساسية وإتلاف شرايين حركته المتمثلة في شبابه، الذي إن تم السيطرة عليه ضعف تأثيره، وضعف تبعاً له تأثير هذه الدول في الإطار العالمي.

للمزيد اضغط هنا

http://dareshraq.emyspot.com/

اخر المنشورات الادمان
bottom of page